أسطورة العود الأبدي
يُشير ميرسيا إلياد Mircea Eliade في كتابه “أسطورة العود الأبدي”* إلى مبدأ مركزي يفسر جزءًا كبيرًا من سلوك الإنسان البدائي (الإنسان القديم)، فما يص..أقرأ المزيد
Livraison en 1-4 jours
يُشير ميرسيا إلياد Mircea Eliade في كتابه “أسطورة العود الأبدي”* إلى
مبدأ مركزي يفسر جزءًا كبيرًا من سلوك الإنسان البدائي (الإنسان القديم)،
فما يصدر عنه من مواقف وممارسات ليس سوى محاولة لاستعادة زمنية مستوحاة من
عالم أصل هو وحده الثابت في الوجود. فالرغبة في ” العودة” إلى نقطة البدء
خاصية من خاصيات هذا الإنسان؛ فما هو موضوع بين يديه وما يحس به وما يبتغيه
مودع بشكل سابق في ذاكرة كلية تستوعب كل ممكنات الفعل عنده. ذلك أن أشياءه
وأفعاله ومدنه ومآثره والكثير من الظواهر التي تحيط به لا تستمد
“واقعيتها” من نفسها، بل من حاضن قدسي هو حقيقتها المثلى. فهذا القدسي وحده
“واقعي”، أما سواه فمجرد أعراض بلا معنى. وهو ما يعني أن “التكرار” (العود) سمة ملازمة للوجود، فالحياة على الأرض
في نظر البدائي هي حاصل برمجة كونية مسبقة وموجهة نحو غاية، ويتحرك
الإنسان فيها باعتباره “حالات” خاصة تدل على الحركة والتعاقب ضمن زمنية
منتهية تتكرر داخلها أفعال لا تنتهي. وهذه البرمجة هي التي تُشْرط وجود
الفعل المتحقق في الأرض بضرورة مطابقته لصورته في السماء من خلال الربط
الدائم بين حيوات منفصلة في الحقيقة الواقعية، ولكنها متجاورة في
“الـمُثُل”. والحاصل أن الإرادة لاحقة للتسيير عنده، ذلك أن الغاية محددة
في الأصل وليست حاصل فعل يقود إليها.