انتعاشة اللغة كتابات في الترجمة
يمضي كيليطو موَضِّحاً أهميَّة هذا الكتاب: “الآن وقد قرأتُ ما كَتَبَهُ عبد السلام بنعبد العالي في الترجمة، أجدُني أنظر إلى الأمور بمنظار آخر. وهذا ..أقرأ المزيد
Livraison en 1-4 jours
يمضي كيليطو موَضِّحاً أهميَّة هذا الكتاب: “الآن وقد قرأتُ ما كَتَبَهُ
عبد السلام بنعبد العالي في الترجمة، أجدُني أنظر إلى الأمور بمنظار آخر.
وهذا ما يحدث عادة مع الدراسات الجادَّة والمبدِعة، فهي تُغيِّر نظرتنا إلى
الأشياء، بطرحها أسئلة جديدة، قد تكون مخالفة تماماً لمُسلَّماتنا، ولما
تعوَّدنا على اعتقاده. الآن تبدو لي كلُّ ترجمات ألف ليلة وليلة، حتَّى تلك
التي تتصرَّف في النَّصِّ بصفة مقيتة، شيئاً ثميناً، لا يُستغنى عنه. إنها
تُثري الكتاب، وتضيف إليه دلالاتٍ ومعانيَ وصوراً، لا ترد في صيغته
الأصلية. قد نتصوَّر ترجمة له، تكون نهائية (ومَنْ ذا الذي لا يتمنَّاها؟)،
ولكنها ستكون، حتماً، علامة على انعدام الاهتمام به، وإيذاناً بأفوله
وموته. إن تاريخ الفلسفة هو في العمق تاريخ الترجمة، وقد تكتسي الترجمة مظهر
الشرح والتعليق، كما هو الشأن عند ابن رُشد. أن تدرسَ أرسطو معناه أن
تشرحَهُ، أن تُحوِّله من لغة إلى لغة، من خطاب إلى خطاب، وهذا التحويل هو
ما يوفِّر للفلسفة حيويَّتها ونشاطها. «فالترجمة، يقول بنعبد العالي، هي
التي تنفخ الحياة في النصوص، وتنقلها من ثقافة إلى أخرى. والنَّصُّ لا يحيا
إلَّا لأنه قابل للترجمة، وغير قابل للترجمة، في الوقت ذاته». وليست
مسؤولية التحويل الذي يتعرَّض لها النَّصُّ مُلقاة على المترجم وحده، بل إن
اللغة تتحمَّل القسط الأوفر منها، فاللغة التي يُترجَم إليها النَّصُّ لها
طقوسها وشروطها الخاصَّة، بحيث إنها تُقحِم في النَّصِّ مسائل وقضايا، لا
تكون واردة في شكله الأصلي، وإذا بالمترجم مُرغَم على نَقْل ما لا يكون
راغباً في نَقْله. وأحياناً ترفض اللغة أيَّ تعاون معه، وتتسلَّى بعجزه
وشَلَل حركته: فَمَنْ يستطيع مثلاً، أن يُترجِم إلى الفرنسية “أمَّا بعد”،
“وليت شِعْرِي”؟! بل مَنْ يستطيع أن يترجم “أمَّا بعد” إلى العربية
بالذات؟!