لا أتنفس
ترسم الكاتبة صورة للفضاء العام للحكي، مؤكدة الحدود الوهمية بين الفنون، وهي تطارد آلام البشر وتؤبد لحظات مآسيهم ما ظهر منها وما بطن. تقول الساردة ف..أقرأ المزيد
Possibilité de commande
avec un délai de livraison
de 1 à 4 semaines
ترسم الكاتبة صورة للفضاء العام للحكي، مؤكدة الحدود الوهمية بين الفنون،
وهي تطارد آلام البشر وتؤبد لحظات مآسيهم ما ظهر منها وما بطن. تقول
الساردة في جملة غير مُهادنة «يزداد مولود قبل أوانه، وتعثر الشرطة على جثة
بمحاذاة النهر» إنها صورة المسوخ والتشوه، تضع القارئ مباشرة أمام عالم
روائي قررت صانعته أن تقول كل شيءٍ هنا الآن.. «تنفجر مدينة بكاملها، تقذف
السفينة قمامتها وتختفي، قيل إن السفينة المقبلة من هناك، أفرغت قمامتها
واختفت». يجد القارئ نفسه وسط مدينة موبوءة بالتشرد والسموم، مدينة منزوعة
البركة فُقِدت فيها هبة البصر «كل نساء المدينة أصبن بالعمى» إنه زمن
المسوخ، وانهيار القيم وضيق التنفس، كما تعبر الشخصية الروائية في المنفذ
الثاني «أنا الآن أختنق، لا أتنفس، وهناك بعد قليل أو ساعةٍ قد أتلاشى في
صمتٍ».
يختنق من يختنق ويرحل من يرحل، وتبقى الحكاية زاحفةً تترجرج، وفي زحفها
تُفتح الأبواب للأصوات كلها، المسموعة منها والمقهورة، ببساطة؛ لأن الرواية
كما قُدر لها كرنفال للأصوات التي لا منبر لها في واقع الحياة، لكن في
المقابل فإن الفضاء الرقمي ـ كما تبوح الساردة – يتيح لهذه الأصوات أن
تتحدث، وأن تلتقي، بشكل كرنفالي أيضاً، في مدينة افتراضية أبوابها مُتاحة
للجميع هي الصفحة الرقمية الاجتماعية «لا أتنفس» هناك يلتقي السكان آتين من
طبقات وفئات مختلفة؛ فهذا الدكتور الأكاديمي الجامعي المتخرج من أرقى
المعاهد والمُحاضر في مختلف البلدان، الذي يصارع ديانة الركوع الدنيوي
الإداري «الرئيس تخلف عن الاجتماع بنصف ساعة، دون اعتذار أو حتى ابتسامة».
ركوع وخنوع مقرفين لكنهما صارا عاديين في زمن الاختلال والوصولية «وهو يتبع
رئيس المؤسسة من الاجتماع وظلاله الخانعة تتبع ظله، وتطلب رضاه، وتشرب من
ماء الانحناء».