الشريعة: من المصادر إلى الممارسة، مفهوم متعدّد
قل ما حملت لفظة جملة من المعاني المتنوعة والمتعارضة أحيانا، مثلما حُملت كلمة "شريعة". بحيث صارت نموذجا لذلك الصنف من الكلمات التي تشكل بؤرة تجاذبات عنيفة؛ يتمسك بها البعض الآخر بنفور شديد.
تكمن قيمة هذا الكتاب في اتخاذه المسافة المنهجية الضرورية للقطع مع فوضى الخطابات المعاصرة في موضوع "الشريعة"، وإصراره على الانطلاق من ممارسات الفاعلين والطرق التي يعتمدونها لتسويغ سلوكاتهم وممارساتهم باسم الشريعة. وفي ذلك تتجلى منهجية بودوان دوبريه من حذر إيطيقي وإيبستمولوجي، والتي تولي الأهمية للبحث عن المعنى في سياقه، وليس في حرفيته أو إطلاقيته.
كما تبرز جدة التحليلات التي يقدمها الكتاب في الاهتمام بالدور الذي تلعبه البناءات اللسانية في إنشاء عوالم المعنى، حيث تتبلور الأفعال والتصورات المرتبطة بمقولة"الشريعة". ومن ثم فإن إنجاز جرد دقيق للألفاظ والتسويغات التي يستخدمها الفاعلون بشأنها، يسهم بلا شك في تلافي ما يسميه فيتجنشتين "التشنجات الذهنية"، ويبدد الغموض والخلط الذي يحيط بكلمة "شريعة"، ويُمكِّن القارئ من الاطلاع، وفق نظرة نقدية، على مختلف المقاربات والنقاشات التي لم تفتأ تتناول هذا الموضوع. لكل هذا يحق اعتبار هذا الكتاب بمثابة فصل للمقال فيما ارتبط بالشريعة من تصورات وممارسات وأقوال.
Editeur :
Abdul aziz al saoud مؤسسة الملك ع العزيز
Traducteur :
محمد الحاج سالم