أطرق ابنُ الهيثم لحظةً بدا فيها بهيئة المهموم، وغاب فى غور
التفكُّر ثم استفاق، وقال بأسى العلماء العارفين: يا مطيع، دع عنك الخوض فى
دقائق وعموميات المعتقدات المتخالفة، فهذا مخاضٌ لا آخرَ له، ولا نجاةَ من
الغرق فيه، واعلم أن ما يتخالفون فيه اليوم بدعوى إعلاء رأى الإسلام الحق،
وبزعم رفعهم راية الشرع، هو فى معظمه، مما صنعه الأُمويون ثم كتبهم من
بعدهم العباسيون، لخدمة أغراض أولئك وهؤلاء، فلا عليك من ذلك كله، واحضر
المحبرة والأوراق كى أُملى عليك بعض مسوَّدات كتابى الكبير فى طبيعة الرؤية
والإبصار.. سألته وأنا أهمُّ بالجلوس قُبالته لأكتب ما سوف يُمليه عليَّ،
عن العنوان الذى اختاره لكتابه الكبير هذا، المدهشة للأذهان مسوَّداته؟
فقال بصوتٍ خفيض: المناظر