سنموت في أورشليم
سنمون في أورشليم في تلك الأيام بدأت تتسرب إلى الملاح بعض الأوراق المكتوبة بمداد أسود غليظ؛ لكنه غير واضح بما يكفي. بحيث يبدو على بعد شبرين أو ثلا..أقرأ المزيد
Livraison en 1-4 jours
سنمون
في أورشليم
في تلك الأيام بدأت تتسرب إلى الملاح بعض الأوراق المكتوبة بمداد أسود
غليظ؛ لكنه غير واضح بما يكفي. بحيث يبدو على بعد شبرين أو ثلاثة مثل خراء
الذباب. وبها رسوم كثيرة بالأبيض والأسود. مثل المنيوراه. أو الشمعدان السباعي
المقدس الذي صنعه موسى للعبريين. بدأت تلك الأوراق تدخل إلى الملاح خلسة
ولا تصل إلا إلى أفراد معدودين في البداية؛ من اليهود ذوي الحكمة الذين لا
يتصرفون بطيش, حتى لا تصل الأخبار إلى الفرنسيين أو إلى المسلمين. ومع
تلك الأوراق التي بدأت تصلناء وصلت كلمة جديدة لم أسمعها من قبل: العاليّه.
دخلت تلك الكلمة الملاح فغيرت كل شيء تقريباء مثل قديسة غجرية جاءت
من مكان قصي لكي تعالج شعبا. صار اليهود التواقون إلى الخلاص يرددونها
بكثير من التقديس والخشوع وكأنهم يقفون مباشرة تحت قدمي الرب ويرفعون
رؤوسهم ليروا وجهه.؛ بينما هو ينظر إلى السماء غير آبه بهم. لكن أكثر الذين
كانوا فرحين وفي غاية السعادة. مثل طفل يستعد للعطلة. هم أولئك اليهود كبار
السن الذين نالوا نصيبهم من كل شيء حقير في الدنيا ويريدون أن يُقبروا في
أرض إسرائيل. فبعد أن عاشوا طويلا وتقلبوا في أركان العالم أو في الملاحات
الحزينة يريدون أن يحصلوا على حفرة صغيرة في أرض الميعاد تحتضن
عظامهم اليابسة المتحللة. التي تعافها حتى الكلاب. صار حلمهم الوحيد أن
يستحموا بمياه تلك الأرض المقدسة بعد قرون من الوساخة وأن يناموا نومتهم
الأخيرة بجانب أورشليم» المكان الوحيد الذي يحبه الرب في العالم كله. ويحب أن
يقضي فيه عطلته يوم السبت.
صدر للروائي الدكتور إدريس الكنبوري
-الكافرون - الرجل الذي يتفقد الغيم | - زمن الخوف.
