لا شيء أحق بأن يشغل بال المفكر العربي من الظفر بالجواب عن سؤال: "كيف يمكن التوصل إلى إبداع فلسفي حقيقي في سياق واقع تبعية الفلسفة العربية للترجمة؟!!" وقد جاء عمل الدكتور طه عبد الرحمن ليجيب عن شروط إمكان الإبداع الفلسفي مع وجود التعلق بالترجمة؛ ويقوم هذا الجواب في إنشائه لعلم مستقل أطلق عليه اسم "فقه الفلسفة"، وعرّفه بكونه العلم الذي ينظر في الفلسفة من حيث هي جملة من الظواهر الخطابية والسلوكية التي تقبل التوصيف والتحليل والتنظير.
وفي هذا الكتاب يوضح المؤلف الأصول العامة التي ينبغي أن تنبني عليها الصلة بين الفلسفة والترجمة، مقيماً الدليل على ضرورة النهوض بأمرين اثنين: أحدهما، تأسيس فلسفة حية في مقابل الفلسفة الجامدة التي سادت إلى حد الآن في الفكر العربي، والثاني، اتخاذ ترجمة تأصيلية في مقابل الترجمة التحصيلية والترجمة التوصيلية اللتين غلب العمل بهما في نقل النصوص الفلسفية.
ولا شك أن القارئ متفلسفاً كان أو مترجماً أو لغوياً أو أديباً أو ناقداً أو متعاطياً للمقارنة بين الثقافات أو معنياً بالنهوض الفكري للعالم الإسلامي العربي، واجد في هذا الكتاب ما يدله على طرق الانتفاع بالمنقولات، مع حفظ قدرته على الاستقلال عنها والإبداع فيها.
Editeur :
Le centre Culturel Arabe-ال-المركز الثقافي العربي-