سلطة مضادة قوية تقودها الحركات الاحتجاجية ووسائل التواصل الاجتماعي، متجاوزة الديناميات الوسيطة التقليدية. قوية بمطالبها وتأثيراتها ورمزيتها.. هذا ما أظهره بوضوح حراك الريف، الذي كشف عن غياب استعداد فكري وإيديولوجي وسياسي لدى أجهزة السلطة الرسمية لفهمه وتفكيك رموزه، وعن فقر مدقع في أدوات استيعابه والتعامل معه، تجلت أبلغ صوره في تحوير المطالب المشروعة إلى الانفصال والتخوين، من أجل نزع المشروعية عن السلطة المضادة وعدم الاعتراف بذاتية المجتمع.
وسيشكل إعادة الخوف إلى الفضاء العمومي الهدف الأساسي من وراء مختلف التدابير المتخذة من قبل المؤسسات الرسمية، فزيادة منسوب القمع، وتجاهل المطالب، وتشويه الحقائق وتسخير قوى مضادة للحركات الاحتجاجية، من سياسيين وإعلاميين وأكاديميين تابعين.. تدخل كلها في إطار التنقيض من الدور المتصاعد للمجتمع.
غير أن التفكير في مستقبل الدولة يثير تساؤلات جمة من قبيل، هل التدابير المتخذة تؤجل فقط التصادم بين السلطة والسلطة المضادة؟ وانتشار آليات اقتسام السلطة بين الدولة والمجتمع؟ وهل الاستعانة المتزايدة بأدوات القمع يمكن أن تعتق الانتقال الديمقراطي أم تأزمه أكثر؟ يسعى المشاركون في هذا الكتاب إلى الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال مناقشة أهم التحولات التي يعرفها المغرب الآني.
Editeur :
Imp maarif مطبعة المعارف الجديدة