غرناطة في مواجهة الإلحاد
طيلة عهد الحكم الإسلامي الممتد من سنة: 92 هـ / 711 م، إلى: عام 897 هـ / 1492م؛ نمت مدينة غرناطة وازدهرت، وترعرعت مع ازدهارها العقيدة الإسلامية التي مل..أقرأ المزيد
Livraison en 1-4 jours
طيلة عهد الحكم الإسلامي الممتد من سنة: 92 هـ / 711 م، إلى: عام 897 هـ / 1492م؛ نمت مدينة غرناطة وازدهرت، وترعرعت مع ازدهارها العقيدة الإسلامية التي ملأت أرجاءها بكلمات الأذان المباركة.
لقد تفيأت غرناطةُ خلال تلكم القرون الثمانية: ظلالَ عقيدة التوحيد؛ فرفرفت في ربوعها رايتها التي رابط العلماء على ثغورها وناضلوا لترسيخ حقائقها.
وكان المذهب السائد عند أهل الأندلس؛ هو مذهب الإمام مالك رحمه الله؛ مما ساعد على تمكن عقائد أهل السنة والجماعة وتحصين غرناطة من تفشي الآراء العقدية المنحرفة ونشاط الفرق الضالة التي وجدت أمامها سدا منيعا شيدته المدرسة المالكية من خلال الإنتاج الفكري والعلمي لعلمائها الكبار؛ من أمثال: ابن جزي وكتابه النور المبين، والشاطبي وكتابه الاعتصام.
وقد تأكدت الحاجة إلى هذا الحصن العقدي المنيع؛ بسبب ما كانت تتعرض له غرناطة من تأثيرات تيارين عقديين منحرفين؛ هما: تيار العقائد النصرانية الوثنية، وتيار المذاهب الباطنية ..
أما العقائد النصرانية الوثنية فقد كانت متداولة بحكم الخلفية التاريخية وبحكم احتكاك مملكة غرناطة بممالك إسبانيا والبرتغال ..، ومن خلال النصارى الذين كانوا يعيشون فيها تحت ظل الحكم الإسلامي.
وأما المذاهب الباطنية فقد بدأ انتشارها في العالم الإسلامي عموما وفي الأندلس وغرناطة منذ القرن الرابع الهجري، وكانت تنشر الزندقة والإلحاد وما يتفرع عنهما من أفكار وسلوكيات؛ كجحود الخالق سبحانه والإلحاد في أسمائه وصفاته والاستهزاء بالشريعة وتأويلها تأويلا متلاعبا يتضمن الاستهزاء بآيات الله تعالى ..
وكان لمثل هذه الأفكار الإلحادية نوع تأثير على المسلمين الذين يعيشون حياة الترف والمجون ورقة التدين.
لقد راعى ابن جزي هذا السياق التاريخي وأخذ تأثيرات هذين التيارين بعين الاعتبار لما قرر أن يكتب كتابه في قواعد العقائد؛ فجعل من أساسيات الكتاب نقد الأفكار التي أفرزتها تلك المذاهب العقدية الوثنية والباطنية؛ وفي هذا الإطار خصص فصلا كاملا لموضوع: إثبات وجود الله تعالى .