لذة القراءة

لذة القراءة

لذة القراءة



-        القراءة بيت واسع، له من الضروريات ما يجعل الوصف ينطبق عليه، فمدخل معرفي محدد مهم لكل قارئ، ولا أقول تخصصا، بل مدخل معرفي يلج منه الإنسان «عالم الكتب» أو «بيت العلم»، سواء كان هذا التخصص في اللغة أو الفقه أو الحديث أو التاريخ أو ما شابه ذلك. ثم يبني القارئ حجرات مجاورة لتخصصه، وكلما اتسعت وتناسقت وتكاملت معارفه كان قصره أرحب، مريحًا لنفسه ولزائره، يجول في حجراته بسعادة بالغة، وتنقذه بعض نواحيه من برد شديد أو من حر لافح، وتؤنس غربته بعض الفنون.


-        النصوص العظيمة الكاملة عندما تقرأها تجدها تبني في شخصك وفكرك خطًا جديدًا. إنها رائعة عندما تكتمل قراءتك لها ومتعتك بها. إنها تمنح ما يسميه تودوروف: «قشعريرة من اللذة» وكان يكتفي بلذة الكتب عن لذاذات الصباء ومغامرات الأطفال والشباب. [الأدب في خطر، ص9].


-        ليست الحكمة وليدة الكتب وحدها، وليست القراءة دائمًا ضمانًا للنضج، غير أنها من خير الدروب التي يسلكها الإنسان، فتوصله إلى الحكمة والعلم والعمل الصالح. والله أرسل مع الأنبياء كتبا، وهي دلالة صعود في مراقي العقل والمدنية والتفكير، وتقاس المستويات المدنية اليوم عند الشعوب الأقوى بعدد الكتب المطبوعة في هذه الثقافات.


-        ومن ثمرة الكتب أن يسيطر الإنسان على توجيه قواه العقلية وعلى ضعفه العاطفي، ليسيطر سيطرة استفادة واستثمار على قواه، وعلى قوى الكون وتحقيق المعنى القرآني العميق للتسخير، وهو معنى يراه الواعي أمام: عينيه في كل طريق. وقد سأل الشابي الأرض يوما: أيا أم هل تكرهين البشر؟ فقالت:


                                     أبارك في الناس أَهْلَ الطمُوح        وَمَنْ يستلذ ُ ركُوب الخَطَر


-        يجدر بالكتاب العظيم أن يودعك وقد منحك الكثير من الخبرات، مع شعور بالقليل من الاستهلاك، وقد عشت حيوات عديدة عندما كنت تقرأه.



المصدر: مذكرات قارئ لكاتبه محمد حامد الأحمري عن دار النشر أواصر

للحصول على نسختك من الكتاب اضغط على الرابط أسفله:

https://www.librairiealfia.com/index.php?route=product/product&product_id=439453